meddd333 مبدع فعال
عدد الرسائل : 60 تاريخ التسجيل : 10/11/2008
| موضوع: من ليالي غزة الأحد 25 يناير 2009 - 10:21 | |
| انصرف الرتل بطيئا حذرا كان الجوّ خانقا بظلمته التي تلف المكان، بقي طارق في مخبئه جاثما جاثيا على ركبتيه و هو يغلق فم أخته الصغرى بيده كي لا تعلو ضحكاتها .....فهي تحسب أن الأمر مزحة عابرة . سحر بنت السنة و النصف لا تعلم أن الأمر جلل كله جد ...كيف لا وقد فقدت لتوها أختها الكبرى كما فقدت أمها منذ أشهر قلائل..... و تلاشى وقع النعال المثقلة بكواهل مدججة بكل أسباب الموت مع الظلام بطيئا.....و أشرقت شمس جديدة أزاحت بنورها الباهت الستار على أشلاء لقطع بشرية متناترة هنا وهناك عبر أزقة غزة . نهض طارق من مكانه ينفض الغبار بيده الجريحة عن سحــر.تحرك صوب أخته المنظمة إلى سجل الشهادة،بعد أن نال منها الرونجرس النجس من جسدها النحيل و صاحبه يجتر اللبان فيتطاير من فمه البزاق مع الكلمات :"..........سنهد البيت على كل حال ...." و تخيل كيف كانت نظرتها ..فلو رمق بها شخص بشري لولى الدبر خائفا أن تصيبه دعوة صاحبتها. نظر طارق إلى جسدها الطاهر المعفر بالتراب ..لقد كانت هادئة ساكنة وسط الحديقة المجرفة ، << رباه تقبلها شهيدة و اعطف عليها برحمتك التي وسعت كل شيئ>>..سار تجاه بيت عمه و سحر تداعبه بيدها متمتمة بكلمة لا تعرف لها معنى ..ماما..ماما..ماما.. كانت كلحن سعادة يقفز هنا و هناك وسط ديكور يعكس وحشية صهيونية عابثة بالجمال و السلام. أزاح الباب المفصول من مكانه بصعوبة بسبب تهدم الجدار و تقدم تسبقه نظراته باحثة عن عمه عثمان وسط الركام ...و ما إن توغل قليلا حتى لاح له رأسه المفصول و كانت زوجته الخالة" ساجدة " بقربه و قد بقر بطنها بساطور ما زال بقربها يشهد الفاجعة .... خرج عائدا الى بيت والده ...والده المرمي وراء الحدود التي رسمها جدار الخزي و العار. يمر أسبوع ...جالسا قرب السيدة نفيسة راح طارق يداعب أخته بيده و عيناه ملتصقتان بالتلفاز ،فقد كانت الجزيرة تبث آخر الأخبار ...و يظهر وجه عباس و بفمه الملآن يصب جام غضبه على حماس و المقاومة :<< سنقضي عليهم بالبوليس المحلي و البوليس الدولي إن اقتضى الأمر.....لم يتركونا نشوف شغلنا يا عالم ،لم يتركونا نمضي في طريق السلام...خارطة الطريق...نحن شعب أتعبتنا الحرب و آن الأوان أن نصارح أنفسنا ..مذا حققت المقاومة غير الدمار و الخراب ...نعم نحن بحاجة إلى تحويل عدو الأمس إلى حليف اليوم ...و أؤكد لكم من هذا المقام أنني سأتحالف مع الشيطان إن لزم الأمر لأقضي على حماس>> و تهاوت الأفكار في مخيلة الصبي طارق :<<عباس غبي ...يتحالف مع الشيطان هذا حرام ...و الله لا أظنه إلا عميلا لصهيون ..حماس؟؟؟ لولاها لأكلنا جميعا منذ وقت بعيد ...و ينقطع التيار الكهربائي ....يقفز من مكانه كغيره بعد سماع دوي القنابل التي بدأت تتهاوى إيذانا ببداية ليلة جديدة مع الترويع
عليان م
| |
|