عمــــي آمـــــــــون قصة قصيرة

في حومتي كل شيئ مباح......صياح الديكة وقت الغروب ...و نباح القطط .....،و وضع الملح في القهوة بدل السكر...المهم دع العجلة تدور و بلاش كسر الرأس بمن؟و كيف ؟ولماذا؟ومتى ؟ ....دع العجلة تدور ...
في حومتي كل شيئ مباح....أن يقال لك أن التمساح صار مديرا لحومتك أمر لن تتقبله ؟....عندنا والله ممكن .لهذا صارت حومتي أشهر حومة على وجه الأرض، حتى أننا صرنا نصبّح مديرا و نمسي على مدير ،وللمدراء في مستخدميهم شؤون .
نهضت ذات صباح كالمعتاد ،و كالعادة صبّحني أحدهم ببشرى مضحكة مبكية،و هي أن العم آمون صارت نوبته في إدارة شؤون الحومة .و لمن لا يعرفه ..هو شخصية غير مستقرة ،متذبذبة ...فقبل خروجه من الدار يعمد إلى تغيير قميصه الأحمر و لبسه من جديد عدة مرات ، و يطلب القهوة من زوجته و لما تضعها أمامه يستفزها بعبارات سخيفة....و يدفعها إلى استبدال الفنجان لمجرد أن ذبابة حامت فوقه.....
و تشاء الأقدار ...وتجرى مسابقة أجمل حديقة في وقته ،و تنتقل إليه مسؤولية القائمين عليها .....و جلس في مكتبه ثلاث ساعات بالتمام و هو مشدوه ....لأول مرة تسنح له الفرصة لينتقم من التومي و القابد و القائمة طويلة ......ِ"اليوم تشوف يا رأس اللفت ..." و أخذ القائمة و راح يتفنن في نفث ما كان مكبوتا ...دون أن يمس بالبعض لأنهم يمثلون حسب فهمه الحاشية ...وتعلق الوثيقة وسط احتجاجات المتضررين و ابتسامات المستفيدين ...أما هو فيردد "ما يديرو والو ...."...و تسير الأمور على مضض.
يجلس وحيدا .....و السعادة تغمره ....و وحيدا يكلم نفسه :<< الجبال اللي ما تتلاقاش ..يا سي المبخوت كيما كنت تقول >>.
المبخوت كذلك رجل قديم ، تهافت على هذه المسؤولية و كلّف بها و حذى حذو من سبقوه .فكانت له كلمة في كل شيئ و حتى في حلب عنزات أهل الحومة،و كانت له فرصة في أن يعمل يعمل على إذلال عمي امون و الدنيا دالات كما كان يردد دائما.............
حمل المبخوت نفسه و توجه إلى مكتب آمون محتجا على الإجحاف الذي لحقه .....دق الباب وولج متثاقلا و هو يبحث عن كلمات تليق بالمقام ..و لكن ما إن التقت عيناه بعيني آمون حتى قفز الأخير و عمد إلى غلق الباب بالمفتاح و علا الصياح ففوجئنا نحن و لم نفهم سر النواح ،فاجتمعنا خلف الباب ولم نفهم من الصراخ إلا جملة واحدة كان يكررها آمون :<<أناهو المير أنا هو المدير و اللي ما عجبوِ الحال يعرف و اش يدير>>.و لخوفنا اتصلنا بأمن الحومة ...و استغرقت سيارتهم وقتا أطول من اللازم ...حتى أن الصياح قد انقلب إلى سكينة ...
• وصل منصور رجل الأمن- و كان ثخينا جدا – يتناول قطع الشكلاطة بنهم ...تقدم إلى الباب <<..واش كاين يا ما قتلوش بعضاهم..>> و اضطر إلى اتخاذ قرار واحد ألا وهو تحطيم الباب ..وتقدم يدهس الباب فانزلقت قدمه فتهاوى بكل ثقله على الباب فخلعه من مكانه وسقط معه داخل القاعة ...و كم كان الموقف مضحكا و ليغطي الموقف المحرج قام بشقلبة بهلوانية و قام بعد جهد جهيد. و يا ليته ما قام ...لما رفع رأسه شاهد منظرا فتح له فاه ..و بقي متفرجا فدفع فينا الفضول إلى التطلع إلى أدهشه ...فتخيلنا مشهدا دمويا هوليوديا ...جدران مطلية بالدماء ...أحشاء متناثرة على الأريكة و الطاولة الملتحمة بالمكتب .و نترك لك أن تتخيل توابع الجريمة ...
و دخلنا بصعوبة واحدا واحدا ،و كنت آخرهم ، وحقا لاقيت صعوبة في تقبل ما أرى ...كان آمون قاعدا على سطح المكتب ...و قد ترك مكانه للمبخوت و كانا منهمكين في صنع الطائرات الورقية التي ملأت المكان ...التفت إلينا منصور :<<مهابل..........>>و خرج و الغيض يعتصره :<<ألهذا تقطعولنا القيلولة ....الله لا تربحكم ...اتفوه...>>.
أما نحن ....فبقينا نحاول فهم ما يجري فلم نوفق...<<مروان واش كاين ..أرواح تعاونا ...رانا ألقينا موضوع المسابقة ...سيكون عن أسرع طائرة في الحومة ...تناول مروان ورقة من بين التي كانت أمامهما و هم بطيها فإذا عليها اسم "بن عيسى حمودة "..لقد كانت وثيقة إدارية ....مندهشا:<<سيدي هذه أ وراق إدارية تخص أهل الحومة ...>> ..و اكفهر وجه آمون بسرعة :<<و انت ما دخلك ...آه أنت فايق...حاب انحيلك النهار ....فايق...و الله مليح ايوريلي خدمتي ،اكمل يا سي المبخوت الوقت راهو قليل . و انصرقت أنا والبقية نضرب كفا بكف ..